(٦٩ - ٧١) - {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ (٦٩) قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ (٧٠) قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ}.
{وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ}: أي: لا تُخجلوني، ولا تلحقوا بي العارَ فيهم.
{قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ}: أي: قالَ له قومُه: أولم ننْهَكَ أنْ تُضيْفَ أحدًا مِنَ النَّاسِ كلِّهم؟
{قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي}: أي: بناتُ قومي؛ لأنَّ كلَّ نبيٍّ هو أبو أمَّتِه، أُزَوِّجُكُموهنَّ.
{إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ}: أي: قابلين ما آمرُكُم به.
وقيل: أي: طالبين الاستمتاع.
وقيل: أرادَ به بناتَ نفسِه، وكان يزوِّجُهنَّ منهم إذا أسلموا، وقد شرحناه بأتمَّ مِن هذا في قوله: {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} هود: ٧٨.
وقال الإمامُ أبو منصورٍ رحمه اللَّه: هذه القصَّة وما قبلَها مِن القصص في هذه السُّورة وغيرها، وورودُها بألفاظٍ مختلفةٍ في آياتٍ دليلٌ على أنَّ العبرة لاتِّفاق المعاني، فإنَّ هذه المخاطَبَاتِ لم تكن مرارًا، بل مرَّة، ومع ذلك وردَتْ على وجوهٍ، فدلَّ أنَّ اختلافَ الألفاظ وتغيُّرَها لا يوجبُ اختلافَ الحُكْمِ بعدَ أنْ (١) لا يغيِّرَ المعنى، وذلك أنَّ الخبرَ إذا أُدِّيَ معناه على اختلافِ لفظِهِ فإنَّه يجوز، وكذا إذا قرئ بعدَ أنْ لا يُغيَّرَ المعنى (٢) بغيرِ اللِّسان الذي أُنزِلَ جازَ (٣).
(١) بعدها في (أ): "كان". وليست في المصدر. انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٤٣٨).
(٢) "إذا قرئ بعد أن لا يغير المعنى" من (أ).
(٣) كرر الماتريدي هذا المعنى في أكثر من موضع. انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٤٣٨) (٧/ ٧٥) (٨/ ٥٧٢).