(٧٢) - {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ}.
وقوله تعالى: {لَعَمْرُكَ}: وهذا كلامٌ اعتَرض في خلالِ القصَّة، يخاطِبُ اللَّهُ به (١) نبيَّه محمَّدًا عليه الصَّلاة والسَّلام، فيقول: {لَعَمْرُكَ}: هو قسمٌ بحياةِ رسولِه، والعُمْرُ والعَمْرُ (٢): البقاءُ والحياةُ.
واللَّام للتَّأكيد، و (عَمْرُ) رفعٌ بالابتداءِ، وخبرُه مُضمَرٌ، وهو: قسمي؛ أي: وعيشُكَ يا محمَّدُ.
وقال الضَّحَّاكُ: هذا قَسَمٌ بدينِهِ (٣).
{إِنَّهُمْ}: قومَك مِن قريشٍ {لَفِي سَكْرَتِهِمْ}؛ أي: حيرَتِهم وضلالِهم التي هي كحالِ سُكْرِ السَّكران {يَعْمَهُونَ}؛ أي: يتردَّدونَ في الباطلِ، غافلِيْن عمَّا أَعَدَّ اللَّه تعالى لأهل معصيتِهِ (٤) نظيرًا لِمَا أنزلَه بقومِ لوطٍ.
وهذا كرجلٍ يذكرُ قصَّةَ قومٍ خرجوا على السُّلطانِ فأُخِذوا وقُتلوا، فإذا ذكرَ بعضَ القصَّةِ وهو يريدُ أنْ يَسْمَعَه قومٌ مثلُهم فعلوا كذلك ولم يعاقبوا بعدُ، فقالَ قبلَ تمام القصَّة: اسمعْ فإنَّ هؤلاءِ في غفلةٍ لا يدرونَ ماذا يحلُّ بهم، ثمَّ يعودُ إلى تمامِ القصَّة.
وقيل: هذا قولُ الملائكةِ لِلُوطٍ أنَّه لَمَّا دعاهم إلى نكاح البنات فلم تنجع فيهم
(١) "به" من (أ).
(٢) "والعمر" من (ف).
(٣) ذكره الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (٦/ ٤٥٥). وانظر: "تنوير المقباس" للفيروزابادي (ص: ٢١٩).
(٤) في (ر) و (ف): "المعصية".