لأهل مكَّةَ، يقول: كانوا أشدَّ منكم قوَّة وأكثرَ أموالًا، فلم يُغْنِ ذلك عنهم شيئًا، فكيف حالكم؟
* * *
(٨٥) - {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ}.
وقوله: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ}: أي: إنَّ الأممَ الَّذين عرفتُموهم يا معاشر العرب -ومساكنُهم على ممرِّكُم- لَمَّا خالفوا الحقَّ أُهْلِكوا؛ لأنَّ اللَّهَ تعالى ما خلقَ السَّماواتِ والأرضَ وما بينهما إلَّا بالحقِّ، والسَّاعةُ آتيةٌ للجزاءِ، وجميعُ ما خلَقَ يرجِعُ إلى عالِمٍ به وبتدبيرِهِ (١) ونظمِ أجزائِه.
بيَّنَ في أوَّلِ السُّورةِ خَلْقَ السَّماواتِ والأرضِ، وذَكَرَ (٢) ها هنا الحكمةَ في خلقِهما فقال: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ}؛ أي: بالحقِّ الذي جعلَ لنفسِهِ على أهلِها، وللحقِّ الَّذي لبعضِهم على بعضٍ.
وقيل: أي: إلَّا شهودًا للَّهِ بالحقِّ على أهلِها.
وقيل: إلَّا ليمتحنهم بالعبادةِ فيها.
وقيل: {بِالْحَقِّ}؛ أي: لحقٍّ كائنٍ، وهو البعْثُ بعدَ الموتِ للجزاء.
وقوله تعالى: {وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ}: أي: إنَّ القيامةَ لَكائنةٌ، فيُجْزَى كلُّ عاملٍ على وَفقِ عملِه.
وقوله تعالى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ}: أي: فأعرضْ يا محمَّدُ عن هؤلاء
(١) في (أ): "وتقديره".
(٢) في (أ): "وبين".