المشركين إعراضًا جميلًا، كما قال: {وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} المزمل: ١٠؛ أي: لا تكافيهم بما آذَوك بألسنَتِهم وفعلِهم؛ فإنَّ السَّاعة آتيةٌ، وأنا أكافيهم عنك.
ووصفَه بـ {الْجَمِيلَ} على معنى: لا تتركْ نصيحَتَهم ودعاءَهم إلى الحقِّ مع ذلك.
وقيل: كان هذا أمرًا بالإعراض عن قتالِهم، ثمَّ نُسِخَ بآيةِ القتال. وهو قول مجاهد وعكرمة وقتادة والضَّحَّاك (١).
وقيل: ليس هذا بمنسوخٍ، بل هو كان مأمورًا بالصَّفحِ في موضعِهِ، وبالقتالِ في موضعِهِ، كما قال: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ} النساء: ٦٣، فهو أمرٌ بالإعراضِ في موضعِه، وبالوعظِ في موضعِه.
* * *
(٨٦) - {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ}.
وقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ}: أي: بخلقِهِ، لا تخفَى عليه أفعالُهم وأقوالُهم وضمائرُهم، ونجزيهم يومَ القيامةِ على استحقاقِهم.
* * *
(٨٧) - {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}.
وقوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي}: ذكَّرَهُ منَّتهُ فيما أعطاه؛ ليَسْهلَ عليه تحمُّلُ إيذاءِ المشركين إيَّاه، فقال: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي}؛ أي: أعطيناك سبعًا من المثاني.
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٤/ ١٠٧) عن قتادة والضحاك ومجاهد وسفيان بن عيينة. وذكره الماوردي في "تفسيره" (٣/ ١٧٠) عن عكرمة.