علينا يسير، لا يَلحقُنا فيه نصبٌ، إنما هو أن نقول له: كن؛ فإذا هو كائنٌ، وهو عبارةٌ عن سرعة الإيجاد.
ثم معنى قوله: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ} وتسميتِه شيئًا: أنَّه شيء (١) بعد وجوده، وسُمِّي به لقربِه من حالة الوجود.
* * *
(٤١) - {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}.
وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا}: وهذا مدح للمؤمنين بعدَ ذمِّ الكافرين؛ أي: والذين هجروا أهاليَهم وأوطانهم في إحياء دين اللَّه ونصرةِ رسول اللَّه من بعدما ظلمَهم هؤلاء المشركون وعذَّبوهم وراودوهم بالعود إلى الكفر:
{لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}: أي: لنمكنَنَّ لهم في الدُّنيا منازل حسنةً يرضونها بدلًا عن دورهم التي هجروها، وقد فعل ذلك حيث آواهم بالمدينة، وجعل لهم أنصارًا وأعوانًا على أعدائهم، وآنَسوهم بالنُّفوس والأموال، وآثروهم على أنفسِهم بكلِّ شيء.
قوله تعالى: {وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ}؛ أي: ولأجر الدَّار الآخرة -وهو الثَّواب الذي يؤتيهم (٢) فيها- أكبرُ وأعظم قَدْرًا من الذي عُجِّل لهم في الدُّنيا من حِسَان الأوطان والأمنِ على الدِّين والأبدان.
{لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}: أي: لو كان هؤلاء الظَّالمون يعلمون ما أعدَّ اللَّهُ للمهاجرين
(١) في (ف): "ينجز".
(٢) "الذي يؤتيهم" ليس في (أ).