في الآخرة من النَّعيم، لكنْ بجهلهم يظلمونهم، فلو علموا لم يفعلوا، بل وافقوهم لينالوا في الآخرة ما يناله هؤلاء.
وقول القائل: هو خيرٌ لك لو علمْتَ، ليس على معنى أنَّه لو لم يَعلم لم يكن خيرًا له، لكنَّه ترغيبٌ؛ أي: لو علمْتَ لاشتدَّتْ رغبتُكَ فيه.
* * *
(٤٢) - {الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}.
وقوله تعالى: {الَّذِينَ صَبَرُوا}: هو نعت المهاجرين؛ أي: صبروا على دينهم، وعلى إيذاء عدوِّهم في اللَّه {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}؛ أي: في أمورِهم، ويرجون الظَّفر بعدوِّهم.
وقيل: نزلَتْ الآيةُ في أبي جندلِ بن سهيلِ بن عمرو.
وقيل: نزلَتْ في ستَّة نفرٍ: بلالِ بن رباح، وصهيبِ بن سنانٍ مولى عبد اللَّه بن جدعان، وخبَّابِ بن الأرتِّ مولى أمِّ أنمارٍ، وعمَّارِ بن ياسر مولى أبي حذيفة، وعابسٍ، وجبيرٍ، أخذهم المشركون فعذَّبوهم، ثم تخلَّصوا فهاجروا، فنزلَتْ هذه الآية في شأنهم (١).
* * *
(٤٣) - {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ} قيل: نزلَتْ في أبي
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٦/ ١٧). وما بين معكوفتين من المصادر. انظر: "تهذيب الكمال" (٨/ ٢٢٠)، و"الإصابة" (٢/ ٢٥٨).