(٥٧) - {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ}.
وقوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ}؛ أي: ويضيفون له ذلك، فيقولون: الملائكة بناتُ اللَّه {سُبْحَانَهُ} تنزيهًا للَّه عن ذلك؛ أي: هو مُنزَّه عنه.
{وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ} من البنين، يجوز أن تكون {مَا} رفعًا على أنَّه خبرُ اللَّام، ويجوز أن تكون نصبًا عطفًا على {الْبَنَاتِ} بوقوع {وَيَجْعَلُونَ} عليها؛ أي: إذا حملَتْ امرأةُ أحدهم تمنَّى واشتهى أن يكون ولدُها ذكرًا، وهو كقوله: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ} الطور: ٣٩.
* * *
(٥٨) - {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيم}.
{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا}: الظُّلول بالنَّهار كالبيتوتة باللَّيل.
وقوله: {مُسْوَدًّا}؛ أي: متغيِّرًا مِن الغمِّ.
{وَهُوَ كَظِيمٌ}: قال ابن عبَّاسٍ: أي: حزين (١).
وقيل: هو المغموم الَّذي يُطْبِقُ فمَه لا يتكلَّم؛ للغمِّ (٢) الذي به، مأخوذٌ من الكِظامَة.
يقول: إذا أُخبِر أحدُهم بولادةِ بنتٍ له اسودَّ وجهُه وتغيَّر واغبرَّ من الأنَفة والذُّلِّ، وبقي ممتلئ القلب عن الغيظ، ساكت اللِّسان عن الغمِّ، لا فرجَ له ممَّا أصابَه.
* * *
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٤/ ٢٥٦).
(٢) في (ر) و (ف): "للهم".