(٥٩) - {يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}.
وقوله تعالى: {يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ}: أي: يستخفي حياءً منهم وكراهةَ أنْ يُهنَّأ بها، ويفكِّرُ في نفسِه:
{أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ}: أي: يمسكُ ما بُشِّرَ به على هوان؛ لسقوطِ قَدْرِه عندَه.
{أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ}: أي: يخفيه، وهو الوأدُ، وهو دفنُها حيَّة.
{أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}: أي: ما أسوأ حكمَهم، يختارون لأنفسهم البنين، ويصفون للَّه البنات، ويرضَون له بما لا يرضَون به لأنفسهم.
* * *
(٦٠) - {لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.
وقوله تعالى: {لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ}: أي: صفةُ السَّوء، وهو ما ذَكرَ عنهم {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى}؛ أي: الصِّفةُ العليا في الملك والسُّلطان، والعزَّة والقدرة، والتَّنزُّهِ عن الشُّركاء والأنداد.
وهذا لا يخالف قوله: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} النحل: ٧٤ -فنهى عن ذلك مطلقًا، وذكر له المثل الأعلى هاهنا- لأنَّ (١) ذلك نهيٌ عن الوصف بالأشباه، وهذا إثباتٌ للصِّفة العليا.
{وَهُوَ الْعَزِيزُ}: أي: الممتنِعُ على مَن رام مغالبَته في تعذيبِ مَن أراد تعذيبَه.
{الْحَكِيمُ}: في إمهال العباد إلى أن يحقَّ بهم القول.
* * *
(١) في (أ): "إلا أن".