وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: يجوز أن (١) يتصل بقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
وقيل: إنَّ المشركين كانوا ينكرون البدث، ويقولون: متى السَّاعة؟ فإذا قيل لهم: هو مكتوم، قالوا: لو كان لكان له وقتٌ معلومٌ، فقال: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}؛ أي: اللَّه مالك ما غابَ عن العباد في السَّماوات والأرض، ويملك إظهار ما غابَ من ذلك كلِّه، فيملك إظهار السَّاعة، كما قال: {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ} الأعراف: ١٨٧.
وقوله تعالى: {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ}: أي: كنظرِ البصر؛ أي: إنَّها تأتي بغتة في أسرع وقتٍ، كما قال: {لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً} الأعراف: ١٨٧.
وقوله تعالى: {أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} ليس هذا للشَّكِّ، بل معناه: مَثِّلوها بأيِّهما شئْتُم فهو صوابٌ، كما يُقال: جالسِ الحسنَ أو ابنَ سيرين.
وقيل: هو لشكِّ المخاطَب؛ أي: كونوا (٢) في كونها على هذين الوسمين (٣).
وقال ابن عبَّاس: {أَوْ هُوَ أَقْرَبُ}؛ أي: بل هو أقربُ (٤).
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}: هذا ظاهر.
* * *
(٧٨) - {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
(١) "يجوز أن" ليس في (أ).
(٢) في (ف): "كونه شاك" بدل: "أي كونوا".
(٣) في (أ): "الوجهين".
(٤) لم أقف عليه عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، وذكره مقاتل في "تفسيره" (٢/ ٤٧٩).