وقال الحسن: {وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ}؛ أي: وجميعُهم (١)، وهو كقوله: {فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} النساء: ٤٦؛ أي: فلا يؤمنون شيئًا.
وهو كقول العرب: هذه الأرض قلَّما تنبت الكلأ؛ أي: لا تُنبت شيئًا.
وقيل: بل هو على حقيقته؛ لأنَّه كان فيهم مَن لم تَقُم عليه الحجَّة به ممَّن لم يبلغ حدَّ التكليف، أو هو مَؤُوفٌ (٢).
وقال بعض المفسِّرين: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ}: هي محمَّدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وقيل: هو جميع ما سبق تقريرُه في هذه السُّورة.
وإنكارُهم هذه النِّعمة مثلُ ما حُكِي أنَّ بعضَهم ذكرَ هذه النِّعم فقال: ورَّثنيها آبائي؛ أي: الأنعامَ والأثاثَ والبيوت (٣)، وكان بعضهم يقول: نلناها بشفاعةِ آلهتنا.
وقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ}: هو قولهم حين سألهم: {مِنْ خَلْفِهِمْ} آل عمران: ١٧٠، {مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} العنكبوت: ٦٣، قالوا: اللَّه، {ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} بقولهم للأصنام: هؤلاء شفعاؤنا عند اللَّه (٤).
وقال عون بن عبد اللَّه: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} هو قول الرَّجل: لولا فلانٌ ما أَصبْتُ كذا (٥).
* * *
(١) ذكره الماوردي في "تفسيره" (٣/ ٢٠٧)، والواحدي في "البسيط" (١٣/ ١٦٤).
(٢) مؤوف من الآفة وهي: العاهة، أو عرض مفسد لما أصابه. انظر: "القاموس" (مادة: أوف). ولعل المراد هنا فساد العقل الذي يرتفع معه التكليف.
(٣) "والبيوت" من (أ).
(٤) بمعناه في "تنوير المقباس" للفيروزابادي (ص: ٢٢٨).
(٥) رواه الطبري في "تفسيره" (١٤/ ٣٢٦)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٧/ ٢٢٩٦).