(٨٤) - {وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ}.
وقوله تعالى: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ}: أي: واذكرْ يا محمَّد يومَ نبعثُ من كلِّ أمَّة شهيدًا، وهو النَّبيُّ يشهد على أمَّته بما كان (١) مِن إجابةِ مَن أجابَ وردِّ مَن ردَّ.
ومعنى الشَّهادة مع أنَّ اللَّهَ تعالى عالمٌ بجميعِ ذلك: أنَّ هذا أهولُ (٢) في النُّفوس، وأشدُّ في الفضيحة، وأردعُ إذا تأمَّلها المخوَّف بها.
وقيل: اتِّصالها بما قبلها: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} اليومَ ويوم نبعثهم ينكرون ذلك أيضًا.
وقيل: هو موصولٌ بقولِه: {يَعْرِفُونَ}؛ أي: يعترفون بذلك (٣) يوم القيامة.
وقوله تعالى: {ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا}؛ أي: في الاعتذار عمَّا كان منهم في الدُّنيا من الإنكار، كما قال: {وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} المرسلات: ٣٦، ومعنى: {وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ}؛ أي: لا يُسمَع عذرُهم ولا يُقبَل.
وقيل: {وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ}؛ أي: يُحجبون عن ربِّهم، كما قال: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} المطففين: ١٥، ومجازه قولهم: أذنَ السُّلطانُ لفلانٍ، وخرج له الإذن؛ أي: بالدُّخول عليه ولقائه.
(١) في (أ): "يشهد على الأمة مما كان"، وفي (ر): "يشهد على أن الأمَّة ممن كان".
(٢) في (ف): "القول فحش".
(٣) في (أ): "ذلك" بدل من "أي: يعترفون بذلك".