وقيل: لأقودنهم إلى المعاصي كما تُقاد الدابة بما جُعل في حنكها من حَبْلٍ.
ومعنى الأول: لأُفسدنهم بالإغواء فلا يبقَى معهم من دينهم شيء، كالشيء الذي يُقلع من أصله.
* * *
(٦٣) - {قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا}.
وقوله تعالى: {قَالَ اذْهَبْ}: أي: قال اللَّه له (١) على لسان ملَك: اذهب.
{فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا} نصبٌ على المصدر، والموفور: المكمَّل، ووَفَر وُفورًا لازم، ووَفَر وَفْرًا متعدٍّ، وقال زهير:
ومَن يجعل المعروف من دون عِرضه... يَفِرْهُ ومَن لا يَتَّقِ الشَّتْمَ يُشتَمِ (٢)
و {اذْهَبْ} دلالة الاستهانة به والوعيدِ له.
ومعنى الموفور: أنه لا نقصان فيه عن قَدْر الاستحقاق، وقيل: هو الذي لا يزول ولا ينقطع.
* * *
(١) "له": من (أ).
(٢) البيت من معلقة زهير. انظر: "شرح القصائد السبع" لابن الأنباري (ص: ٢٨٧)، و"شرح المعلقات" للزوزني (ص: ١٩٤)، و"البسيط" للواحدي (١٣/ ٣٨٩). قال الزوزني: يريد أن من بذل معروفه صان عرضه، ومن بخل بمعروفه عرَّض عرضه للذم والشتم. وقال ابن الأنباري: معناه: مَن اصطنع المعروف إلى الناس وقى عرضه. والعرض: موضع المدح والذم من الرجل، يقال: إنه لطيب العرض، إذا كان طيب ريح الجسد. وقوله: (يفره): يجعله وافرًا، ويقال: وفرت ماله وعرضه فأنا أَفِرُه، وقد وَفَر مالُ بني فلان يَفِرُ وفورًا، و (يفره) جواب الجزاء علامة الجزم فيه سكون الراء، وكان الأصل فيه: يَوْفِرْه، فحذفت الواو لوقوعها بين الكسرة والياء.