"حتى يسجدَ سجدتين" (١)، وقد سمى اللَّه تعالى المصلِّين ركَّعًا وسجَّدًا.
وقيل: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ}؛ أي: قراءةَ الفجر؛ أي: أقمْ قراءةَ الفجر؛ أي: القراءةَ المفروضة فيها، فعلى هذا تكون الآية جامعةً للصلوات الخمس.
وقوله تعالى: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}: أي: صلاةَ الفجر وما يُقرأ فيها، يشهدها ملائكةُ الليل والنهار، لفضيلة هذه الصلاة في نفسها.
* * *
(٧٩) - {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}.
وقوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ}: أي: اسهَرْ بالقرآن تقرؤه في صلاة الليل {نَافِلَةً لَكَ} زائدةً على تلك الفرائض المذكورة في الآية الأولى، فتلك فرائضُ وهذه نوافل.
وقيل: غنيمةً لك.
وقال الحسن: {نَافِلَةً لَكَ}؛ أي: خالصةً لك، وخلوصُه له: أنه لا يَغفل عن شيء منه في حالٍ، وغيرُه من الناس قد يغفلون فيه عن أشياء (٢).
وقيل: إنما قال: {نَافِلَةً لَكَ} لأنه كان مغفورًا له فيما يعمل فيكون نافلة له، وأما غيره من الناس فإن ما (٣) يعمل من الخيرات يكون كفارةً لذنوبه فلا يكون نافلةً له، وإذا ثبت أنه نفلٌ في حقه ثبت أنه نفلٌ في حق أمَّته؛ لأن المشروع في حقه مشروعٌ في حق أمته حتى يقوم دليلُ التخصيص، وكان قيام الليل فرضًا في الابتداء ثم نسخت فَرْضيَّته.
(١) رواه أبو داود (٤٦٧) من حديث أبي قتادة رضي اللَّه عنه.
(٢) ذكره الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (٧/ ٩٨).
(٣) في (ف): "فإنه بما"، وفي (ر): "فإن بما".