(٦) - {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا}.
وقوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} قال قتادة: أي: قاتلٌ نفسَك (١). قال ذو الرُّمَّة:
ألَا أيهذا الباخعُ الوجدُ نفسَه... لشيءٍ نَحَتْه عن يديه المقادِرُ (٢)
هوَّن على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ما يجد من الحزن بكفرِ المشركين فقال: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ}: مُهلكٌ نفسك {عَلَى آثَارِهِمْ}؛ أي: آثارِ الكفار، وهو كنايةٌ عن إعراضهم، كأنهم إذا أعرضوا عن الإيمان نظر إليهم وهم مُعرضون (٣).
{إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ}: قال قتادة: أي: القرآنِ (٤)، قال اللَّه تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} الزمر: ٢٣، وقال اللَّه تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} النساء: ٨٧.
وقيل: {بِهَذَا الْحَدِيثِ}: حديثِ أصحاب الكهف؛ أي: سألوك عنه فأخبرتَهم عنه (٥)، فلم يجعلوه دليلَ صدقك ولم يؤمنوا بك.
{أَسَفًا}: قال قتادة والثوريُّ: غضَبًا (٦)، كما قال تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا} الزخرف: ٥٥.
(١) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (١٦٥١)، والطبري في "تفسيره" (١٥/ ١٤٩).
(٢) "ديوان ذي الرمة" (٢/ ١٠٣٧).
(٣) في (ر) و (ف): "يعرضون".
(٤) ذكره الواحدي في "البسيط" (١٣/ ٥٢٧) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، ورواه ابن أبي حاتم كما في "الدر المنثور" (٥/ ٣٦٠) عن السدي. وهو قول أكثر المفسرين، منهم: مقاتل والطبري وأبو الليث السمرقندي والماتريدي والثعلبي والماوردي. انظر ذلك في تفسير الآية عندهم.
(٥) في (أ): "وأخبرتهم عنهم".
(٦) رواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ١٥٠) عن قتا دة. وذكره الواحدي في "البسيط" (١٣/ ٥٢٨) عن الثوري.