وقوله تعالى: {أَمَدًا}: أي: غايةً، مفعولُ {أَحْصَى}، وتقديره: أحصَى أمدًا لِمَا لبثوا؛ أي: أمد ما لبثوا، وهو نظير قولك: ضربتُ لزيدٍ غلامًا؛ أي: غلامًا لزيدٍ، وحاصله: غلامَ زيد، وهو قول المحقِّقين.
وقال الفراء: {أَحْصَى} أفعل للتفضيل؛ أي: أعلمُ بمقدار لبثهم، و {أَمَدًا} نصب على التفسير (١).
وقالوا: هذا غير خارجٍ على ظاهر اللغة؛ لأن ما كان فعلُه من (أَفْعَلَ) لا يقال فيه: هو أفعلُ من فلان، إنما يقال: أشدُّ إفعالًا منه، فكان ينبغي أن يقال: أشدُّ إحصاء.
وقال الزجَّاج: {أَمَدًا} نصب بـ {لَبِثُوا} (٢)؛ أي: هو نصبٌ على الظرف.
* * *
(١٣ - ١٤) - {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (١٣) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا}.
وقوله تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ}: أي: بالصِّدق {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ}؛ أي: شبَّانٌ.
وقال مجاهد: لقد حدِّثتُ أنه كان على بعضهم أوضاحُ الوَرِق من حداثته (٣).
وقوله تعالى: {آمَنُوا بِرَبِّهِمْ}: أي: صدَّقوا بوحدانيته {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}؛ أي: ثباتًا ويقينًا {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ}؛ أي: شدَدْناهم ووفَّقْناهم وألهمناهم الصبرَ.
(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٢/ ١٣٦).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٣/ ٢٧١).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ١٦٥).