وقال الصنعاني: أفرط في مسألته، وأحبَّ أن يرتفع عند اللَّه تعالى بغيرِ تقوى (١).
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه في الآية: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ} ولم يقل: قلبك؛ لأن قلبه كان مع الحقِّ، فأمره بصحبة الفقراء جهرًا بجهرٍ، واستخلص قلبه لنفسه سرًّا بسرٍّ.
وقال: {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} لا دنياهم بكرائمها ولا عقباهم بعظائمها (٢).
وقال: {وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} لمَّا نظروا بقلوبهم إلى اللَّه عز وجل أمر رسوله بأن لا يرفع بصره عنهم، وهذا جزاؤهم في العاجل، كأنه قال: جعلنا نظرَك إليهم اليوم ذريعة لهم إلينا، وخلفًا عما يفوتهم اليوم من نظرهم إلينا، فلا تقطع عنهم اليوم نظرك إليهم فإنَّا لا نمنع غدًا نظرهم إلينا.
وقوله تعالى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا}؛ أي: شغلناهم فيما لا يعنيهم.
وقيل: أنسيناهم ما فاتهم منَّا حتى لم (٣) يتحسَّروا على ذلك.
وقالوا: من أمارات الغفلة: طولُ الأمل، وسوءُ العمل، والتعريجُ في أوطان الكسل.
وقيل: هي تزجيةُ الوقت في (٤) غير قضاء فرضٍ وأداء نفلٍ (٥).
* * *
(١) ذكره الواحدي في "البسيط" (١٣/ ٦٠١) عن ابن عباس من رواية عطاء.
(٢) في (ر): "لا لدنياهم بكرائمها ولا لعقباهم بعظائمها"، وفي (ف): "لدنياهم بكرائمها ولعقباهم بعظائمها". وفي "اللطائف": (فآويناهم في دنياهم بعظائمنا، وفي عقباهم بكرائمنا).
(٣) في (ر): "لا".
(٤) في (أ): "من".
(٥) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٣٩٢ - ٢٩٣).