(٥١) - {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا}.
وقوله تعالى: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا}: قال قتادة: أي: أعوانًا (١)، من قولك: اعتضَدْتُ به؛ أي: استعنتُ به.
و {عَضُدًا} بمعنى الأعضاد (٢)، كما في قوله: {سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ} الأعراف: ١٧٧، وقوله: {ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} غافر: ٦٧، وفيه وجوه:
قيل: ما أحضرتُ إبليسَ وذرِّيته {خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ}؛ أي: لم أَحتجْ في خلقِ ما خلقتُه إلى شيء من عونهم وإشارتهم، فكيف يكونون شركاء لي.
وقوله تعالى: {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا}؛ أي: وما كنتُ لأعتضدَ في شيءٍ من تدبير خلقي بمن أعلمُ أنه لا يريد بهم خيرًا بل يريد إضلالهم.
وقيل: هذا ردٌّ لقولهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} الزمر: ٣، و: {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} يونس: ١٨؛ أي: إنهم مضلُّون لعبادي (٣)، وهم الجن، قال اللَّه تعالى خبرًا عن الملائكة: {بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ}؛ أي: المشركون كانوا يعبدون الشياطين؛ أي: لا أجعلُ لهم شفاعةً فلا يكونون عضدًا لهم، ويكون تقدير الآية: وما كنتُ متَّخذ المضلِّين عضدًا لهم (٤) يعتضدون بشفاعتهم مع أنهم مضلُّون.
= بعض اختلاف بين كل منهم وبين ما ذكره المصنف.
(١) رواه عنه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ٢٩٥).
(٢) في (أ): "الاعتضاد".
(٣) في (ر) و (ف): "يضلون عبادي".
(٤) "لهم" زيادة من (أ).