وقوله تعالى: {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا}: اختلف في معناه:
قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: أي: جَعل سبيله في البحر كالسرب؛ أي: النفقِ (١) الذي يُدخل فيه فيُسلك منه إلى موضع.
وقال أبو عبيدةَ وقطربٌ والأخفش: {سَرَبًا}؛ أي: مسلكًا ومذهبًا يُسرب (٢) فيه، كما قال: {وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} الرعد: ١٠ (٣)، وقد سرَب سُروبًا؛ أي: مضى وذهب.
وقيل: صار طريقه كالطاق.
وقيل: بل جمد طريقه حتى سلك فيه (٤).
وقيل: بل صار حجرًا مضى عليه (٥).
وقال ابن زيد: حيي الحوت في البطحاء بعد موته، ثم مشى على البطحاء إلى البحر، فذلك هو السرب (٦)؛ أي: الطريق على البطحاء إلى البحر، ثم انغمس فيه.
وقيل: كان يغسله على الشط فوثب فانسرب في الماء.
وقال أبو مالك: أوحَى اللَّه تعالى إلى موسى عليه السلام: إن لي عبدًا هو أعلمُ
(١) في (ر): "الشق"، وفي (ف): "النشف".
(٢) في (ف): "يسلك".
(٣) انظر: "مجاز القرآن" (١/ ٤٠٩).
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ٣١٤) عن قتادة، ولفظه: (فجعل لا يسلك فيه طريقا إلا صار ماءً جامدًا)، فلعل الصواب في عبارة المؤلف: (. . . حين سلك فيه). وكثيرًا ما يقع الاشتباه بين (حتى) و (حين) في النسخ.
(٥) رواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ٣١٥) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٦) رواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ٣١٥).