وقوله تعالى: {مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} قيل: هو والد يوسف عليهما السلام، لأن زكريا كان تزوج أخت مريم بنت عمران، وهي ترجع بنسبها إلى يعقوب، لأنها من ولد سليمان بن داود، وداود من ولد يهوذا بن يعقوب، ثم زكريا نفسه من ولد هارون أخي موسى، وهارون وموسى من ولد لاوي بن يعقوب، وكانت النبوة في سبط يعقوب.
وقيل: هو يعقوب بن ماثان أخو عمران بن ماثان، وكان آل يعقوب أخوالَ يحيى بن زكريا، وهذا قول الكلبي ومقاتل (١).
وقال الكلبي: كان بنو ماثان رؤوسَ بني إسرائيل وملوكَهم، وكان زكريا رأسَ الأحبار يومئذ، فأراد أن يرث ولدُه حبورتَه، ويرثَ هو أيضًا من بني ماثان مُلكَهم (٢).
وقوله تعالى: {وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا}: قيل: هو بمعنى فاعلٍ؛ أي: راضيًا عنك وراضيًا بتقديرك.
وقيل: هو بمعنى مفعول؛ أي: مرضيًّا عندك.
وقيل: أي: مرضيًّا في أمَّته لا يُتلقى بتكذيبٍ ولا تسخُّطٍ لِمَا يأتي به.
وقيل: مرضيًّا عندهم لا يُعاب بشيء، ولا يُنسَب إلى عيب.
وقال القَفَّال: فيه بيانُ أنَّ مَن أراد أن يَسأل اللَّه تعالى حاجةً ما توجَّب (٣) أن يبلغ ما أَمكن بلوغه من إخلاص المسألة والانقطاعِ بالرغبة إليه، وتأكيدِ أسباب التضرع
(١) انظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ٦٢٣)، وقول الكلبي في "تفسير الثعلبي" (٦/ ٢٠٦). وذكره عنهما أيضًا الماوردي في "النكت والعيون" (٣/ ٣٥٦).
(٢) ذكره بتمامه الفخر الرازي في "تفسيره" (٢١/ ٥١١). وذكر أوله الماوردي في "النكت والعيون" (٣/ ٣٥٦)، والواحدي في "البسيط" (١٤/ ١٩٧).
(٣) "ما توجب" من (أ).