(٣٢) - {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا}.
وقوله تعالى: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي}: أي: وجعلني عاطفًا عليها مؤدِّيًا حقَّها.
وقوله تعالى: {وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا}: أي: متعظِّمًا على عباد اللَّه، لا أرى لأحدٍ منهم عليَّ حقًا.
وقيل: {جَبَّارًا}؛ أي: عاقًّا والدتي متكبِّرًا عن أداءِ (١) حقها {شَقِيًّا} لأن الجبار يكون كذلك؛ قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تُنزَعُ الرحمةُ إلا مِن شقيٍّ" (٢).
وقيل: {جَبَّارًا}؛ أي: متعظِّمًا عن عبادة اللَّه تعالى وطاعته، ومَن استكبر عن ذلك شَقِيَ كما شَقِيَ إبليس بإبائه واستكباره.
وقال قتادة: قالت امرأة لعيسى حين رأته يُحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص إلى غير ذلك: طوبَى لبطنٍ حملك، وطوبى لثديٍ أرضعك، فقال: طوبى لمن تَلَا كتابَ اللَّه تعالى واتَّبع ما فيه (٣).
* * *
(٣٣) - {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا}.
وقوله تعالى: {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا}: أَخبر أن اللَّه تعالى حكَم له بالسعادة والسلامة (٤) في هذه الأحوال عن كلِّ آفةٍ وعيب.
(١) في (أ): "قضاء".
(٢) رواه أبو داود (٤٩٤٢)، والترمذي (١٩٢٣) وحسنه، من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٣) رواه الإمام أحمد في الزهد (٣١٩)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٣١٨٧٨)، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (٤/ ١١٩) عن خيثمة بن عبد الرحمن. ورواه الإمام أحمد في الزهد (٣١٨) عن يزيد الضبي. والبيهقي في "الشعب" (٢٠٣٤) عن أبي عبيدة بن عبد اللَّه بن مسعود.
(٤) في (أ): "بالسلامة" بدل: "بالسعادة والسلامة".