وقوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا}: الأثاث: المتاع.
وقيل: هو ما يزيَّنُ به المنزل من أنواع الأمتعة.
والرِّئْي بالهمزة: المنظر، من الرؤية (١)، وقرأ نافع وابن عامر من غير همز (٢)، وقرأ غيرُهما بالهمز على الأصل، ومَن ترك الهمز فله وجهان:
أحدهما: تليين الهمزة على إرادتها؛ تخفيفًا، أو لموافقةِ فواصل الآي.
والثاني: أنه من رَوِي يَرْوَى رِيًّا (٣)، من حدِّ عَلِم؛ أي: رَوِيَتْ ألوانُهم وجلودُهم وارْتَوَتْ من النعمة والخِصْب.
ذكَر هذين الوجهين الكسائيُّ والأخفش وقطربٌ.
يقول: ليس حُسن هؤلاء في الدنيا لِمَا قالوا، فكم أهلكْنا بالعذاب قبل هؤلاء من قرون المخالِفين المكذِّبين هم كانوا أكثرَ من هؤلاء مالًا وأبسطَ يدًا وأبعدَ سوطًا وأبهى منظرًا وأنعم عيشًا وأكثرَ أنصارًا، وكان هذا معلومًا عندهم من هلاكِ عادٍ وثمودَ وغيرهم.
وقيل: نزلت الآية في النضر بن الحارث وذوِيه.
قال مقاتل: كانوا يرجِّلون شعورهم ويَدهُنون رؤوسهم ويلبسون جياد ثيابهم مفتخِرِين بشارتهم (٤) وهيأتهم على فقراء الصحابة، فنزلت الآية (٥).
(١) في (ر) و (ف): "المروة".
(٢) هي قراءة ابن ذكوان عن ابن عامر، وقالون عن نافع. انظر: "السبعة" (ص: ٤١١)، و"التيسير" (ص: ١٤٩).
(٣) (ريًّا) بفتح الراء وكسرها، كما "مختار الصحاح". وكلمة: "ريًّا" ليست في (أ).
(٤) في (ر) و (ف): "بشأنهم".
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ٦٣٦)، و"تفسير الثعلبي" (٦/ ٢٢٨)، و"تفسير البغوي" (٥/ ٢٥٢).