وقوله تعالى: {قَالَ أَلْقِهَا يَامُوسَى (١٩) فَأَلْقَاهَا}: قيل: إنما أمره بإلقائها لأنه أضافها إلى نفسه بقوله: {عَصَايَ}؛ ليقطعه عنها.
وقوله تعالى: {فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى}: أي: فقلَبها اللَّه تعالى حيةً تمشي كما تمشي الحية، وأضمر هاهنا: ولَّى خائفًا، فقد ذكره في غير هذه الآية.
* * *
(٢١) - {قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى}.
{قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ}: قيل (١): أُمر أن يُدخل يده في فيها فيقبضَ عليها، ففعل، فصارت يده في الشعبتين اللتين كانتا في العصا.
وقوله تعالى: {سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى}: أي: سنردُّها إلى كونها عصًا -والسيرة: الطريقة- فتنتفعُ بها بالاتكاء عليها والهشِّ بها.
فإن قيل: سماها جانًّا في قوله: {كَأَنَّهَا جَانٌّ} النمل: ١٠، والجان أصغر ما يكون من الحيات، وقال في آية أخرى: {فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ} الأعراف: ١٠٧ وهي أكبر الحيات، وقال في هذه الآية: {فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى}.
قلنا: قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: صارت أولًا جانًّا، ثم لا تزال تنمو حتى صارت ثعبانًا (٢)، والحية اسم يقع على الكبير والصغير.
وقال القشيري رحمه اللَّه: إن موسى استولت عليه الهيبةُ، فسكَّنها بقوله: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى} فلو تُرك ما كان عليه (٣) لعله كان لا يبقى بل يتلاشى.
(١) "قيل" زيادة من (أ).
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٦/ ٢٤٢).
(٣) في (ف): "ترك بما كان".