ثم لمَّا قال: {هِيَ عَصَايَ} وجعل يَعدُّ منافعها، قيل له: {أَلْقِهَا يَامُوسَى} فإنك بنعت التوحيد، وتقف على بساط التفريد، فكيف لك هذا؟ ومتى سلِم لك أن يكون لك معتمَدٌ تتوكأ عليه أو مستند تستند إليه؟
وقيل: أول قدم في الطريق تركُ كلِّ سبب، والتنقِّي عن كل طلب.
وقيل: التوحيد: التجريد، وعلامة صحته (١) سقوط الإضافات بأسرها، فلا جرَم لمَّا قال موسى: {هِيَ عَصَايَ} أُمر بإلقائها.
وقيل: لمَّا باسطه الحق سبحانه بسماع كلامه أخذته أريحيَّةٌ بسماع الخطاب، فأجاب عما سئل وعما لم يُسأل وقال: {وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى}، وأعظم مأربةٍ لي فيها أنك قلتَ: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى} (٢).
* * *
(٢٢) - {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى}.
وقوله تعالى: {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ}: قيل: أي: جيبك، قال الراجز:
أضمُّه للصَّدر والجَناح (٣)
وقيل: إلى عضدك.
وقال أبو عبيدة: الجناحان: الناحيتان (٤).
(١) في (ر) و (ف): "التوحيد من علاماته صحة".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٤٥٠ - ٤٥١).
(٣) الرجز في "مجاز القرآن" (٢/ ١٨)، و"تفسير الطبري" (١٦/ ٤٩)، و"غرائب التفسير" للكرماني (٢/ ٧١٦).
(٤) انظر: "مجاز القرآن" (٢/ ١٨).