قال الكلبيُّ والضحاك: الآيات هي اليد والعصا (١)، وإنما جمع لأن الآية الواحدة علَمٌ على أمور كثيرة فتُجمع لأجلها، وإذا صح ذلك في الواحدة ففي الآيتين أولى.
وقيل: معناه: اذهبا فإني أُمدُّكما بآياتي بعد هذا، وهو كقول الملك لأميره: اذهب فإن جندي معك؛ أي: أُمِدُّك بهم إذا احتجتَ.
وقوله تعالى: {وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي}: أي: لا تَفْتُرا ولا تضعُفا، وقد وَنِيَ يَنِي وَنْيًا فهو وانٍ؛ أي: فَتَر (٢)، وتوانى في الأمر؛ أي: قصَّر.
وقوله تعالى: {ذِكْرِي} يحتمِل ذكرَهما جلالَ اللَّه تعالى عند فرعون لعنه اللَّه وقومِه، ودعاءَهم إلى توحيده.
ويحتمِل الوعظَ؛ أي: عِظاهم بوعظي.
ويحتمِل مواصلة ذكر اللَّه تعالى والثناءِ عليه، فإن اللَّه تعالى ناصرُ مَن ذكره.
ويحتمِل الذكر بالقلب، فإن ذلك يقوِّي العزيمة على الأمور.
* * *
(٤٣) - {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى}.
وقوله تعالى: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ}: في هذا التكرار بهذه الصيغة فائدةُ الاجتماع عند الذهاب إليه، والأول -وهو قوله: {اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ} - يحتمِل الاجتماع ويحتمِل الافتراق، ويحتمِل أن يكون الأولُ إلى الكل والثاني إلى فرعون على الخصوص.
وقوله تعالى: {إِنَّهُ طَغَى}: فسَّرناه.
(١) انظر: "تفسير مقاتل" (٣/ ٢٨)، و"تفسير الثعلبي" (٦/ ٢٤٥).
(٢) "أي فتر" ليس في (أ).