ومعنى الأول: لا تدَعوا من كيدكم شيئًا إلا جئتُم به، ومعنى الثاني: فأَحْكِموا احتيالكم حتى لا يتبيَّنَ لِمَا يفعله موسى (١) فضلٌ على ما تفعلونه.
وقوله تعالى: {ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا}: قيل: أي: صفًّا واحدًا لإلقاء حبالكم وعصيِّكم، فهو أهولُ وأهيَب.
وقيل: بل معناه: صفوفًا، فقد كان فيهم كثيرةٌ؛ أي: صفًّا صفًّا.
وقيل: {صَفًّا}؛ أي: موضعًا قد تواعَدوه كمصلَّى العيد للمؤمنين.
وقوله تعالى: {وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى}: أي: غلَب، فاجتهِدوا أن تستَعْلُوا -أي (٢): تَغلِبوا- فتُفلحوا؛ أي: فتفوزوا بما تَرْجونه من الزينة والعزِّ عند فرعون وقومه، فقد كانوا قالوا: {أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (٤١) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} الشعراء: ٤١ - ٤٢ فيحتمِل أنهم أرادوا بالإفلاح الأجرَ والقربة.
* * *
(٦٥ - ٦٦) - {قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (٦٥) قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى}.
{قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى}: أي: منَّا، وهذا على وجه الاقتدار عند أنفسهم.
وقيل: بل كان للاحترام، فنالهم بركتُه.
وقوله تعالى: {قَالَ بَلْ أَلْقُوا}: أي: أنتم مبتدِئون فسترون، فكان وعيدًا على السحر لا أمرًا به.
= لابن الأنباري (ص: ٤١)، و"الصحاح" (مادة: جمع).
(١) في (ف): "بما يفعله" بدل: "لما يفعله موسى".
(٢) في (ر): "أو"، وفي (ف): "أن".