الباقون: {كَيْدُ سَاحِرٍ} (١)؛ أي: لا حقيقة له وهو تخييلٌ.
وقوله تعالى: {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى}: لا نفاذَ لِمَا يفعله، ولا فوز له بما يأمله.
{حَيْثُ أَتَى} قيل: أي: حيث كان؛ لأن الذهاب والإتيان يعبَّر بهما عن الكون، يقال: أينما ذهبت فأنت محروم أين كنتَ.
* * *
(٧٠) - {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى}.
وقوله تعالى: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا}: ها هنا مضمرٌ؛ أي: ألقى موسى عصاه فتلقَّفَتْها {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا}؛ أي: فوقعوا للَّه ساجدين.
قال الأخفش: من سرعةِ ما سجدوا كأنهم أُلقوا، يعني: علموا أنه ليس بسحر بل هو معجزة، فآمنوا باللَّه وسجدوا للَّه.
وقوله تعالى: {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى} الذي أرسلهما، فكان إيمانًا باللَّه ورسولَيه.
* * *
(٧١ - ٧٢) - {قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (٧١) قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}.
وقوله تعالى: {قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ}: أنكر عليهم إيمانهم توهُّمًا أنه بلغ في سلطانه ونفاذ أمره المبلغَ الذي لا يجب أن يُعتقد دينٌ إلا بإذنه، وهذا غاية جهله وعظمته عند نفسه.
(١) انظر: "السبعة" (ص: ٤٢١)، و"التيسير" (ص: ١٥٢).