وقال الحسن: {هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي}؛ أي: ينتظرونني من بعدي ما آتيهم به، لا يعني أنهم يتبعونه (١)، ومعنى {وَمَا أَعْجَلَكَ}؛ أي: كيف سبَقْتَهم؟
* * *
(٨٥) - {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ}.
وقوله تعالى: {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ}: الذين خلَّفْتَهم مع هارون عاملناهم معاملةَ المختبِر ليظهرَ منهم بفعلهم ما كان في علمنا أنهم يفعلونه.
وقوله تعالى: {وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ}: دعا هم إلى عبادة العجل واتِّخاذه إلهًا، ونَسب الضلال له لأنه سببُه.
* * *
(٨٦) - {فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَاقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي}.
وقوله تعالى: {فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ}: أي: على قومه بما صنعوه من عبادة العجل {أَسِفًا}: شديدَ الغضب.
وقيل: حزينًا على ما ينالهم بسببه.
وقوله تعالى: {قَالَ يَاقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا}: هو إنزال التوراة ليقِفوا بها على ما عليهم ولهم في دينهم، ويستحقُّوا بالعمل بها الكرامةَ، ويتخلَّصوا به من العقوبة، وهو إشارة إلى قوله: {وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ}.
وقيل: الوعدُ الحسن: الذي لا خُلف فيه.
وقيل: سماه حسنًا لأنه كان فيه نفعُهم ورفعُهم.
(١) انظر: "تفسير يحيى بن سلام" (١/ ٢٧١).