وقيل: الوعد هو العهد، وهو قوله: {وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ} الآية، بدليل قوله: {أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ}.
وقيل: معناه: أوَطالَ عليكم الزمانُ -كما يقال: كان ذلك في عهد فلانٍ- فنسيتُم بسببِ طول الزمان ما أُمرتم به؟!
قوله تعالى: {أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ}: أي: أم تعمَّدتُم ذلك من غير نسيان، وفعلتُم ذلك فعلَ مَن يريد أن يقع عليه غضبُ اللَّه تعالى بقصده خلافه (١).
وقيل: {أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ} بنِعَم اللَّه عليكم (٢) من الإنجاء، وإعطاء المنِّ (٣) والسلوى، وتظليلِ الغمام، وسائرِ النِّعم التي تُوجب عليكم أن تشكروا له وتعبدوه، لا أن تعبدوا مِن دونهِ عجلًا، وهو كقوله: {فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} الحديد: ١٦ {أَمْ أَرَدْتُمْ} مع قرب العهد {أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ}.
وقيل: أوطال عليكم انتظارُ الوعد؛ لأنَّهم لمَّا انتظروا عشرين يومًا بلياليها عدُّوا ذلك أربعين، فكأنهم استطالوا الأربعين.
وقوله تعالى: {فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي}: قال مجاهد: عهدي (٤)، وله وجهان:
ما عاهدتمونيه (٥) من اللحوق بي فلم تفعلوا.
الثاني: ما عاهدتُموني من الإقامة على الدين وعبادةِ اللَّه تعالى فلم تفعلوا.
ويجوز أن يجري هذا المعنى على حقيقة الوعد: كنتم وعدتموني اللحوق بي،
(١) "بقصده خلافه" ليس في (ف).
(٢) في (أ): "بي وبنعم اللَّه بما لي عليكم".
(٣) في (ر) و (ف): "والإعطاء من المن".
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١٦/ ١٣٢).
(٥) في (ر): "عاهدتموني".