والثاني: وعدتموني الإقامة على الدين وعبادةَ اللَّه فلم تفعلوا (١).

وعلى هذين المعنيين يجوز إضافة الوعد إلى موسى: كنتُ واعدتُكم أن يكلمني اللَّه بحضرتكم، وكنت واعدتُكم أن أرجع إليكم ومعي الكتاب الذي فيه شرفُكم وجمالكم ونجاتكم.

* * *

(٨٧) - {قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ}.

وقوله تعالى: {قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا}: قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بكسر الميم، وقرأ نافع وعاصم غيرَ المفضَّل بفتحها، وقرأ حمزة والكسائيُّ وخلفٌ بضمها (٢).

وقيل: الفتح والكسر لغتان؛ كالرَّطل والرِّطل، والحَجْر والحِجْر، وهما القدرة والملك والسلطان؛ أي لم نُخلف الوعد ونحن مالكون أمورَ أنفسنا ولنا سلطانٌ على أَمْرنا نملك به الرأيَ والتدبير، بل اضطُرِرنا إلى ذلك، فإنْ كان هذا من الذين عبدوا العجل فهو إقرارٌ بالخطأ واعتذار عن الفعل، وإن كان هذا من الذين لم يعبدوه فمعناه: لم نُطقْ منعهم عن ذلك، ولم نتفرغ للُّحوق بك؛ لوقوعنا في هذا المهِمّ (٣)،

(١) قوله: "كنتم وعدتموني اللحوق بي والثاني وعدتموني الإقامة على الدين وعبادة اللَّه فلم تفعلوا" من (أ)، وفي (ف) بدلًا منه: "كنتم وعدتموني الإقامة على الدين".
(٢) بعدها في (أ): "وقرأ الباقون بكسرها" وهو تكرار لا لزوم له. وانظر القراءات المذكورة في "السبعة" (ص: ٤٢٢ - ٤٢٣)، و"التيسير" (ص: ١٥٣)، و"النشر" (٢/ ٣٢١ - ٣٢٢). وقرأ أبو جعفر بفتح الميم ويعقوب بكسرها.
(٣) في (ر): "الأمر".