فكيف هذه الجبال في اليوم الذي تذكر؟ فنزلت الآية: {فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا} (١) ولذلك أجاب بالفاء، وتقديره: إذا سألوك فقل.
وأما في سائر السؤالات فلم يذكر الفاء في جواب: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} البقرة: ٢٢٢، و: {عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} البقرة: ٢٢٠، و: {عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا} البقرة: ٢١٩، و: {عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا} الأعراف: ١٨٧، و: {عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ} الإسراء: ٨٥، و: {عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو} الكهف: ٨٣؛ لأنَّها سؤالاتٌ تقدَّمت فورد جوابها، ولم يكن فيه معنى الشرط والجزاء فلم يذكر الفاء.
{يَنْسِفُهَا} قال الخليل: يقلَعُها (٢).
وقال أبو عبيدة: يستأصلها ويُطيِّرها (٣).
وقيل: يذهب بها ولا يُبقي منها شيئًا.
وقيل: يجعلها كالرمل ثم يرسل عليها الرياح فيذرِّيها ويفرِّقها؛ كما في قوله: {ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} طه: ٩٧ وهو كقوله: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (٥) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا} الواقعة: ٥ - ٦.
وقوله تعالى: {فَيَذَرُهَا}: أي: فيدعُ مواضعها {قَاعًا}: أرضًا ملساء {صَفْصَفًا}: مستويةً.
(١) ذكره السمعاني في "تفسيره" (٣/ ٣٥٥).
(٢) انظر: "البسيط" (١٤/ ٥٢١) وعزاه للكلبىِ. وقاله الهروي في "الغريبين" (مادة: نسف)، والثعلبي في "تفسيره" (٦/ ٢٦٠)، والبغوي في "تفسيره" (٥/ ٢٩٤).
(٣) انظر: "مجاز القرآن" (٢/ ٢٩).