{لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ}: أي: لو علموا حالهم إذا دخلوا جهنم وهم حينئذ لا يمكِنُهم أن يمنعوا عن أنفسهم ما يضطرم من النار في وجوههم وظهورهم لعظمها وكثرتها، ولأن أيديَهم مغلولةٌ حينئذ ولا ينصرهم غيرهم؛ أي: لا يمنع العذاب عنهم، والنصرة: المنع، قال اللَّه تعالى خبرًا: {فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ} هود: ٦٣.
وقيل: لا تنصرهم الآلهةُ التي رجَوها.
وجوابه محذوف، وهو أبلغُ لِمَا مرَّ مرات، وأحدُ وجوه الجواب هاهنا: لم يستعجلوا.
وقيل: إضمار الجواب بعد تمام الآية التي تليها.
قوله تعالى {بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً}: أي: النار فجاءةً {فَتَبْهَتُهُمْ} قيل (١): فتحيِّرهم.
وقيل: فتَجْهَدهم وتَلفح وجوههم وظهورهم عِيانًا؛ كالرجل يَبْهَت الرجل في وجهه.
وقوله تعالى: {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ}: أي: يُمْهَلون؛ أي: لا تؤخَّر عنهم طرفةَ عين، والجمع بين هذه الصفات بيانُ غايةِ شدة عذابهم.
* * *
(٤١ - ٤٢) - {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٤١) قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ}.
وقوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ}: أي: نزل {بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا}؛ أي: جراءَ ما كانوا {بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} مر تفسيره مرات.
(١) في (ر) و (ف): "أي".