بالمعروف والنهي عن المنكر بأنفسهم، ثم بأغيارهم، فإذا أخذوا في ذلك لم يتفرَّغوا من أنفسهم إلى غيرهم.
وقيل: الأمر بالمعروف: حفظُ الحواسِّ عن مخالفة أمره، ومراعاةُ الأنفاس معه إجلالًا لقَدْره، ومن وجوهِ المنكر: الرياء والإعجاب والمساكَنة والملاحظة (١).
* * *
(٤٢ - ٤٤) - {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (٤٢) وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (٤٣) وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ}.
وقوله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (٤٢) وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (٤٣) وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى}: وهذا بيانُ قوله: {وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}، وتسليةٌ للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بما ينالُه من جهة الكفار من المكروه والمحذور، يقول: إنْ نَسَبك هؤلاء إلى الكذب فقد فعلَتْ قوم نوحٍ بنوحٍ (٢) كذلك.
والتأنيث في {كَذَّبَتْ} لإرادةِ القبيلة أو الأمَّة أو الجماعة، وكذلك ما ذُكر بعده كذَّبتْ كلُّ أمةٍ نبيَّها {وَكُذِّبَ مُوسَى} على ما لم يسمَّ فاعله، ولم يقل: وكذبت قوم موسى لأن قومه بنو إسرائيل وهم صدَّقوه، وإنما كذَّبه فرعونُ وقومه.
وقوله تعالى: {فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ}: أي: طوَّلتُ لهم الزمانَ للحجة عليهم.
وقوله تعالى: {ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ}: أي: عاقبتُهم على كفرهم وتكذيبهم ومعاصيهم.
(١) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٥٤٩ - ٥٥٠).
(٢) "بنوح" ليست في (أ).