(٧٠) - {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}.
وقوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}: فلا يخفَى على اللَّه شيء من حالِ المجادِلين وتجرُّئهم (١) على ذلك يوم الدين.
وقوله: {إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ}: أي: كلُّ ما في السماء والأرض فهو مكتوب في أمِّ الكتاب عنده قبل خَلْقهما.
وقوله تعالى: {إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}: أي: إثباتُه في الكتاب سهلٌ عليه لا يَلحقُه فيه مؤنةٌ كما يَلحق كَتَبةَ الخلق.
وقيل: أي: الحكمُ بينهم يوم القيامة يسيرٌ لا يَلحقه ما يَلحق قضاةَ الخلق من الحاجة إلى استنباطِ وجه الحكم ونحوِ ذلك.
وقيل: نزلت الآية في بُدَيلِ بن وَرْقاءَ الخزاعيِّ وبشرِ بن سفيان ويزيد بن خُنيسٍ من بني الحارث بن عبد مناف بن تميم، قالوا لأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما لكم تأكلون ما تقتلون بأيديكم ولا تأكلون ما يقتله اللَّه تعالى؟! فنزل: {فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ} (٢).
وقال القشيري رحمه اللَّه: جعل لكلِّ فريق شرعةً هم واردوها، ولكلِّ جماعةٍ طريقةً هم سالكوها، ومقامًا هم سكَّانه، ومحلًّا هم قُطَّانه، ربط كلًّا بما هو أهلٌ (٣)
(١) في (ف): "وتحزبهم".
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٧/ ٣٣)، والبغوي في "تفسيره" (٣/ ١٨١). وروى الطبري في "تفسيره" (٩/ ٥٢٣) عن عكرمة: أن ناسًا من المشركين دخلوا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالوا: أخبرنا عن الشاة إذا ماتت من قتلها؟ فقال: "اللَّه قتلها"، قالوا: فتزعم أن ما قتلت أنت وأصحابك حلال، وما قتله اللَّه حرام؟ فأنزل اللَّه: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} الأنعام: ١٢١.
(٣) في (أ) و (ف): "بما أهّله"، وفي (ر): "بما هو أهله"، والمثبت من "اللطائف".