له، وأوصَل كلًّا إلى ما جعله محلَّه، فبساطُ التَّعبُّد موطوءٌ بأقدام العابدين، ومَشاهد الاجتهاد معمورةٌ بأصحاب الكُلَف من المجتهدِين، ومجالسُ أصحاب المعارف مأنوسةٌ بلزوم العارفين، ومنازل المحبِّين مأهولةٌ (١) بحضور الواجدين (٢).
* * *
(٧١) - {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ}.
وقوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا}: أي: حجةً؛ لأنَّهم يعبدون ما لا يَضرُّ ولا ينفع، ولا يبصرُ ولا يسمع، وهذا ما لا حجةَ لأحد في عبادته، ولو كانت في ذلك حجةٌ لأنزلها اللَّه تعالى في كتابه.
وقوله تعالى: {وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ}: أي: يعبدون ذلك مقلِّدين آباءهم من غيرِ علم بذلك.
قوله: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ}: وهذا وعيد لهم؛ أي: وإذا نزل بهم عذابُ اللَّه في الدنيا والآخرة لم يكن لهم منه مانعٌ.
* * *
(٧٢) - {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}.
وقوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ}: أي: وإذا قرئ على هؤلاء الذين يعبدون الأوثان كتابُنا الذي جعلنا آياته أعلامًا للناس إلى ما بهم إليه حاجةٌ، ووجدوها
(١) في هامش (أ): "أو معمورة"، والمثبت موافق لما في "اللطائف".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٥٥٩).