وقوله: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ}: قال أبو عبيدة: أي: في الفلك (١)؛ أي: تمكَّنْتُم عليها راكبين.
قوله: {فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}: أي: من عذابهم.
وقيل: هو أمرٌ بالحمد على إهلاكهم، ففي هلاكهم نجاة المؤمنين.
* * *
(٢٩) - {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ}.
وقوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا}: قرأ عاصم في رواية أبي بكر بفتح الميم وكسر الزاي، والباقون بضم الميم وفتح الزاي (٢). وبالفتح: النزول، وموضعُ النزول، وبالضم: الإنزال، وموضع الإنزال، ويَصلح كلُّ واحد منهما مرادًا.
وقوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي}: تكفي مَن أنزلتَه كلَّ ما به إليه حاجةٌ؛ وغيرُك لا يتهيَّأ له ذلك.
وقيل: أُمر بهذا الدعاء أن يقوله إذا نزل.
وقيل: أُمر بأن يدعو به وهو في السفينة يلتمس وجود ذلك إذا نزل.
ومعنى {أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا}: اجعله نزولًا (٣) تُتابعُ به الخيراتِ عليَّ وعلى مَن معي حتى يَكثر أتباعُنا في الدين، فأجاب ذلك فقال: {يَانُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ} هود: ٤٨.
(١) انظر: "مجاز القرآن" (٢/ ٥٧).
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ٤٤٥)، و"التيسير" (ص: ١٥٩).
(٣) في (ر) و (ف): "نزلًا".