وقال القشيري: الإنزال المبارك: أن يكون للَّه وباللَّه وعلى شهود اللَّه (١)، من غير غفلةٍ عن اللَّه، ولا مخالفةٍ لأمر اللَّه (٢).
* * *
(٣٠) - {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ}.
وقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ}: أي: في ذلك الاقتصاص لعلاماتٍ على الحق يُعرف بها وجوبُ متابعة الأنبياء واستحقاقِ العقوبة على مخالفتهم، وأن اللَّه تعالى لا يعذِّب إلا بعد انتهاء الحجة، وأنَّ مَن فعل فعْلَهم جُوزي جزاءَهم.
وقوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ}: له وجهان في اللغة: وما كنا إلا مُبْتلين، وقد كنا مُبْتلين.
قال قتادة: أي: ابتلى اللَّه الناس قبلكم وكشفه (٣)؛ أي: لم يزل اللَّه يبتلي الأمم ليظهر المطيع من العاصي، فمَن أطاع نجا ومَن عصى هلك، وقوله تعالى: {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} الأحزاب: ٦٢.
وقيل: {وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ} مِن بعد قوم نوح كما ابتليناهم.
وقيل: أي: إرسال الرسل إلى الأمم كان للابتلاء.
* * *
(٣١ - ٣٣) - {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (٣١) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٣٢) وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ}.
(١) "وعلى شهود اللَّه" زيادة من (أ).
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٥٧٦).
(٣) رواه عبد بن حميد وابن أبي حاتم كما في "الدر المنثور" (٦/ ٩٧).