وقال الحسن: لقد عمِّرتُ عمرًا، وأدركت صدرًا من الناس، فوالذي (١) لا إله إلا هو: لهم فيما أُحِلَّ لهم كانوا أزهدَ منكم فيما حُرِّم عليكم، وهم لحسناتهم ألا تُقبل (٢) كانوا أشد خوفًا منكم لسيئاتهم أن يؤاخَذوا بها (٣).
* * *
(٦١) - {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}.
وقوله تعالى: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ}: أي: هؤلاء هم الذين يسارعون فيها لا الذين تقطَّعوا أمرهم بينهم.
{وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}: أي: إلى الخيرات، واللام بمعنى (إلى)، كما في قوله تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} الزلزلة: ٥؛ أي: أوحى إليها.
وقيل {لَهَا}؛ أي: لأجلها؛ أي: من جهة خيراتهم هم سابقون إلى الجنة.
وقال القشيري: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ}؛ أي: مسارعٌ بقدمه من حيث الطاعات، ومسارعٌ بهممه من حيث المواصلات، ومسارعٌ بندمه من حيث تجرُّعُ الحسرات، والكلُّ مصيب، ولكلٍّ من إقباله على ما يليق بحاله نصيب (٤).
* * *
(٦٢) - {وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}.
(١) في (أ): "فواللَّه الذي".
(٢) في (ف): "وهم لخشية أن لا يقبلون" وفي (ر): "وهم لخشيانهم ألا تقبل".
(٣) رواه ابن أبي الدنيا في "الورع" (٤٥)، والدينوري في "المجالسة" (٦١٦)، وابن الجوزي في "المنتظم" (٦/ ١٣٣).
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٥٧٩).