وقوله تعالى: {وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}: أي: لا نحمِّل من الخيرات أحدًا شيئًا إلا ما في وسعه وهو دون طاقته.
وقال القشيري رحمه اللَّه: مطالباتُ الشريعة مضمَّنة بالسهولة، فأما مطالبات الحقيقة فقد قالوا: ليس إلا بذلَ الروح وإلا فلا تَشتغل بالترَّهات، قال للمستضعفين: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} الحج: ٧٨، وقال لأهل الحقائق: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ} الحج: ٧٨ (١).
وقوله تعالى: {وَلَدَيْنَا كِتَابٌ}: أي: كتبُ الملائكة فيها (٢) أعمالُ العباد.
وقوله تعالى: {يَنْطِقُ بِالْحَقِّ}: أي: يبيِّن جميعَ ما عمله العبد على الصدق، فهذا الكتاب محفوظٌ عند ملائكة اللَّه، وأضافه إلى نفسه لأنهم يحفظونها بأمره، ويُخرَج يوم القيامة ويُحاسب عليه ويجازى به.
وقيل: {وَلَدَيْنَا كِتَابٌ} تبناه فيما سبق بما هم (٣) عاملون، فهم يعملون ذلك ونحن نجازيهم به.
{وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}: أي: لا يُنقص من ثوابهم ولا يعذَّبون بغير (٤) ذنب.
* * *
(٦٣) - {بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ}.
(١) المصدر السابق.
(٢) في (أ): "في".
(٣) في (ف): "مما هم"، وفي (ر): "مما هو".
(٤) في (ر) و (ف): "من غير".