وقيل: {وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ}؛ أي: قلوبهم في غفلة عن (١) طلب الحق، ولهم أشغالٌ سوى الحقِّ هم بها مشتغلون منصرفون عن الحق.
وقال القشيري رحمه اللَّه: لا يصلُح لهذا الشأن إلا مَن كان فارغًا عن جميع الأعمال، وأكثرُ أصحاب الدنيا مشغولون بدنياهم، وأربابُ العقبى بعُقباهم، وأهلُ النار ببلواهم، وإن الذي له في الدنيا والآخرة غير مولاه -حين الفراغ- عزيز (٢)، قال تعالى: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ} يس: ٥٥ (٣).
* * *
(٦٤ - ٦٥) - {حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (٦٤) لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُون}.
وقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ}: أي: منعَّميهم {بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُون}؛ أي: يستغيثون ويضجون ضجيج مَن نزل به ما لا يقدر على دفعه، ونزل هذا بهم يوم بدر، أخذ اللَّه رؤساء مكة بالسيف فجأر أهل مكة لذلك.
وقوله تعالى: {لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ}: أي: لا تضجُّوا بالاستغاثة إلى غيرنا، فلا مانع لكم من عذابنا.
ويحتمل (٤): لا تضجُّوا إلينا فلا نصرةَ لكم عندنا، والمراد بذلك النهي الخبرُ أنكم وإن ضجِجْتم فلا نصرةَ لكم.
(١) في (ر): "زمن"، وفي (ف): "من".
(٢) في (أ) و (ر): "فمَن الذي له في الدارين عن مولاه خبر الفراغ عزيز"، وفي (ف): "فمَن له في الدارين عن مولاه غنى فإن خبر الفراغ عزيز". والمثبت من "اللطائف".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٥٨٠).
(٤) في (أ): "وقيل".