وكانوا يجتمعون بالليل حول الكعبة ويتحدثون بالقبح في ذكر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وقرأ نافع: {تَهْجُرُونَ} بضم التاء وكسر الجيم (١)، وهما لغتان هَجَر وأَهْجَر.
وقيل: في القراءة الأولى: أي: تهجرون الحق بالإعراض عنه، أو: تهجرون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أو القرآن.
وقوله: {بِهِ} كنايةٌ عن مكنيٍّ لم يسبق ذكرُه، وهو كقوله تعالى: {مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} فاطر: ٤٥، ثم يجوز أن يكون {بِهِ} -أي: بالبيت- صلةَ الاستكبار، ويجوز أن يكون صلةَ السَّمَر.
وقيل: {بِهِ}؛ أي: بالنكوص المذكور في قوله: {تَنْكِصُونَ}.
وقال الضحاك: {حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ} يعني: الجوعَ، وذلك حين دعا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على مُضر في القنوت: "اللهمَّ اشدُدْ وطاتكَ على مُضر واجعلها عليهم سنينَ كسِني يوسفَ" فألقى اللَّه عليهم الجوع حتى أكلوا الجيَف والأولاد (٢).
* * *
(٦٨) - {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ}.
وقوله تعالى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ}: أي: أفلم يتدبَّر هؤلاء القرآن {أَمْ جَاءَهُمْ مَا
= فإنما أراد به الأعداء، والعرب تصف الأعداء بذلك وإن لم يكونوا صهب الأسبلة، وقوله: (سواسية) يريد أنهم مستوون متشابهون؛ ولا يقال هذا إلا فى الذم. والسبال جمع سبَلة، وهي ما على الشارب من الشعر، أو ما على الذقن إلى طرف اللحية، والصَّهَب حمرة أو شقرة في الشعر؛ أي: هم عجم ليسوا بعرب.
(١) انظر: "السبعة" (ص: ٤٤٦)، و"التيسير" (ص: ١٥٩).
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٧/ ٥١)، والواحدي في "البسيط" (١٦/ ١٩)، والمرفوع رواه البخاري (٨٠٤)، ومسلم (٦٧٥)، من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه.