وسقوطُ حكم الأدلة، وفي ذلك فسادُ العالم، فإن بقاء العالم ببقاء أحكام الحق، وبقاءَ الأحكام ببقاء أدلتها.
وقيل: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ} فيما يعتقدون من الآلهة {لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ}، كما قال: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} الأنبياء: ٢٢.
وقوله تعالى: {بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ}: أي: بما فيه شرفُهم وعزُّهم {فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ} بسوء اختيارهم.
وقيل: معناه: بذكر ما بهم (١) الحاجةُ إليه في الدين.
وهذه الآية على القولين تتصل بقوله تعالى: {وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ}؛ أي: وما ينبغي أن يكرهوه وفيه شرفُهم، وفيه ذكرُ ما يحتاجون إليه.
* * *
(٧٢) - {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِين}.
قوله تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ}: قرأ ابن عامر بغير ألف فيهما، وقرأ حمزة والكسائي بالألف فيهما، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ونافع: {خَرْجًا} بغير ألف {فَخَرَاجُ رَبِّكَ} بالألف (٢).
قال أبو عبيد وأبو معاذ (٣): هما لغتان.
(١) في (أ): "به".
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ٤٤٧)، و"التيسير" (ص: ١٤٦).
(٣) الفضل بن خالد، أبو معاذ النَّحْوِي المروزِي، روى عن عبد اللَّه بن المُبارك وغيره، وأكثر عنه الأزهري في "التَّهْذيب"، وذكره ابن حِبَّان في "الثِّقات"، وصنَّف كتابًا في القرآن، ومات سنة (٢١١ هـ). انظر: "بغية الوعاة" (٢/ ٢٤٥).