وقال الحسن: هو الأجر على العمل (١)، يقول: أهم يتَّهمونك (٢) فيما تدعوهم إليه أنك تسألهم عليه أجرًا فيظنون بك أنك تطمع في أموالهم، وهو كقوله: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ} الطور: ٤٠، {فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ}؛ أي: فما يؤتيك اللَّه من الأجر على طاعتك له في الدعاء إليه خيرٌ لك من عرَض الدنيا.
وقوله: {وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}: أي: خيرُ مَن أعطى عوضًا على عمل؛ لأن ما يعطيه لا ينقطع ولا يتكرر وقد علمت ذلك ورضيت به، فما معنى اتهامهم لك بالطمع في أموالهم وهذا كله إخبارٌ أنهم متعنِّتون محجوجون (٣) من كلِّ وجهٍ في ترك الاستماع إليك والتدبر بما جئتهم (٤) به.
* * *
(٧٣ - ٧٥) - {وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٣) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ (٧٤) وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}.
وقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم}: فحقيقٌ أن يستجيبوا لك.
وقوله تعالى: {وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ}: أي: عن هذا الطريق (٥) المستقيم لعادلون مُجانبون.
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: زاغوا عن المحجَّة المثلى بقلوبهم فوقعوا في
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٧/ ٩٠).
(٢) في (ف): "أم يتوهمونك" بدل: "أهم يتهمونك".
(٣) في (ر) و (ف): "محجوبون".
(٤) في (ر) و (ف): "والنذير الذي جئتهم".
(٥) في (ر): "الصراط".