وتفسير {خَلَقَكُمْ} ها هنا: أَوْجَدكم، فهو المستحِقُّ لعبادتكم إياه، وهي العملُ له على الخلوص.
وقال الإمام أبو منصورٍ رحمه اللَّه: العبادةُ: جَعْلُ العبد (١) كلِّيَّتَه للَّه قولًا وعملًا وعَقْدًا (٢).
قال رضي اللَّه عنه (٣): وقرَّر معنى التخليق، بأنْ كَرَّره (٤) في القرآن من كلِّ طريق، أَخبر أنه هو الخالق، فقال تعالى: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} الأنعام: ١٠٢، وأنه الخلَّاق فقال: {وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} يس: ٨١، وأنه أحسنُ الخالقين قال اللَّه تعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} المؤمنون: ١٤، وأنه خلَق كل شيءٍ فقال: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} الأنعام: ١٠١ وأنه يخلق ما يشاء فقال: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} القصص: ٦٨.
وخصَّ بعضَ المخلوقات بالذِّكر:
فمنها: السماء، فقال تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ} لقمان: ١٠.
ومنها: الأرض، قال تعالى: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ} فصلت: ٩.
وجمعهما فقال: {خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} البقرة: ١٦٤.
ومنها: الليل والنهار، فقال: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} الأنبياء: ٣٣.
وذكَر الجنَّ والإنس، فقال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} الذاريات: ٥٦
(١) "العبد" ليست في (أ) و (ف)، و"العبادة" ليست في (ر)، والعبارة كاملة في "التأويلات".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (١/ ٣٩٩).
(٣) في (أ): "قال نجم الدين".
(٤) في (ر): "ذكره".