وقال الشافعي: هي أيمان، فتجري بينهما إذا كانا من أهل اليمين؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في هذا الخبر: "لولا الأيمانُ" ولأن الفاسق والأعمى من أهل اللعان بالإجماع، ولا شهادة لهما.
وقلنا: بل فيه معنى اليمين ومعنى الشهادة أيضًا، والفاسق والأعمى لهما شهادة، ولهذا ينعقد بهما النكاح عندنا، لكن في سائر المواضع لا يقبل للتهمة، والتهمة هاهنا غيرُ مانعة؛ لأن العدل يلاعن وهو متهم.
ثم أيُّهما نكَل حُبس وأُجبر عليه حتى يَلتعِن عندنا لأنه حق مقصود.
وعند الشافعي رحمه اللَّه: أيهما نكَل حُدَّ؛ لأن قذف الرجل موجِبٌ للحد عليه، ويسقطه عنه اللعان، ولعان الزوج موجبٌ للحد عليها ولعانُها يسقطه عنها، قال تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ}؛ أي: الحدَّ، كما قال: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ}.
وقلنا: لا معنى لإقامة الحد عليها بقول الزوج ولا بنكولها؛ لأن الحد لا يقام بالنكول، وأما العذابُ فيحتمِل الحبسَ والجبرَ.
ولا تقع الفُرقة عندنا من غيرِ تفريق القاضي، حتى لو مات أحدهما وَرِثه الآخر، ولو أكذب نفسَه فهي امرأته ولا يفرَّق بينهما.
وعن مالك وزُفرَ رحمة اللَّه عليهما: إذا فرغا وقعت الفُرقة.
وعند الشافعي رحمه اللَّه: تقع الفُرقة بلعان الزوج، ثم لعانُ المرأة لدرءِ الحد عنها، ثم هما لا يجتمعان ما داما متلاعنين.
= البيهقي الموقوف أيضًا. وورد فيه رواية أخرى مرسلة عند عبد الرزاق في "المصنف" (١٢٤٩٨) عن ابن شهاب قال: من وصية النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عتاب بن أسيد: أن لا نكاح بين أربع. . .، فذكره بنحو الحديث السابق.