ومعنى التلقي بالألسنة: أن التلقِّيَ قد يكون بغيرِ الكلام، قال تعالى: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ} ق: ١٧، وذلك أخذ وكتابة من غير اختصاصٍ بالقول.
وكان تلقيهم بالألسنة: أن بعضهم كان يقول لبعض: هل بلغك حديث عائشة؟ حتى فاض ذلك فيما بينهم.
قوله تعالى: {وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ}: والتقييد بالأفواه أيضًا: أنه لا حقيقة له فهو مقتصِر على وجودها بالأفواه لا غير، وهو كقوله تعالى في الظهار: {ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ} الأحزاب: ٤.
{وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا}: يسيرًا لا إثم فيه {وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} تستحقُّون به العقوبة لإيذائكم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وزوجةَ رسوله، وإشاعةِ الفاحشة في المنزَّهة عنها.
ومعنى {عَظِيمٌ}: منكَرٌ شنيع، وإطلاقه في ذلك متعارفٌ.
* * *
(١٦) - {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}.
قوله تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا}: أي: هلا إذ سمعتُم هذا الأفك قلتُم: ما يحلُّ لنا في دين اللَّه أن نتكلَّم بهذا الإفك.
قوله تعالى: {سُبْحَانَكَ} كلمة تعجُّبٍ؛ أي: العجب ممن يتكلم بهذا قال الأعشى:
أقولُ لمَّا جاءني فخرُه... سبحان من علقمةَ الفاخرِ (١)
وقيل: أي: ننزِّهك عن أن نعصيَك نحن بالقذف.
(١) انظر: "ديوانه" (ص: ٩٤)، و"الكتاب" (١/ ٣٢٤)، وعلقمة هو ابن علاثة، والبيت في هجائه.