(١٩) - {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا}: أي: تُنشَر المقالة السيئة الشنيعة القبيحة في المؤمنين كهذا الإفكِ من غيرِ صحةٍ {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} و (في المؤمنين) على هذا له وجهان:
أحدهما: أنهم هم المقذوفون؛ أي: يسيئون القول فيهم.
والثاني: {فِي الَّذِينَ آمَنُوا}؛ أي: بين (١) الذين آمنوا وهم السامعون؛ أي: يقذفون إنسانًا ويظهرونه فيما بين المؤمنين.
والعذاب في الدنيا: حدُّ القذف، وذاك بالقذف.
وفي الآية ذكر {يُحِبُّونَ} لكنْ لمَّا قال: {أَنْ تَشِيعَ} عُلم أنهم (٢) هم الذين أظهروا ما أَحَبُّوا بلسانهم بالتكلُّم بكلمة القذف.
وعذاب الآخرة: النار وسائرُ العقوبات إن لم يتوبوا.
وقال قتادة: {أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ}؛ أي: يظهر الزنا (٣).
ومعناه: أنهم إذا أشاعوا عن عائشة رضي اللَّه عنها أنها فعلت كذا قالت النساء: إذا ارتكبت عائشة -وهي زوجةُ النبي عليه السلام- هذا فكيف بنا؟ فيقعن في الزنا ويظهرُ ذلك مخهن، فيكون المتكلِّم بهذا على الإفك مسبِّبًا ظهور الزنى في النساء، وله عذاب الدنيا والآخرة.
(١) في (أ): "من".
(٢) في (ف): "أي قلوبهم لأنهم" بدل: "علم أنهم".
(٣) رواه عبد بن حميد كما في "الدر المنثور" (٦/ ١٦١).