وقوله تعالى: {وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ}: أي: ما أحلَلْنا بالماضين فجعلناه مثلًا لمن بعدَهم يعلمون أنهم إذا فعلوا فعلَهم عُوقبوا عقوبتَهم.
وقوله تعالى: {وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ}: أي: هم المنتفِعون بها وإن كانت الموعظةُ للكل.
* * *
(٣٥) - {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
وقوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: ذكر إنزالَ الآيات البينات، وإقامةَ الدلالات الواضحات، وضربَ الأمثال بالذين خلَوا من قبلنا، ثم بيَّن وضوح الدلالات وجلاءَ البينات وأنَّ مَن ضلَّ عن الحق فليس لخفاءِ الدليل واشتباهِ السبيل، فقال: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}.
قال الكلبي: اللَّه هادي أهلِ السماوات وأهلِ الأرض إلى ما بهم الحاجةُ إليه في مصالح دينهم ودنياهم، وهي كلمة مطلقة في هذا المعنى، يقال: فلانٌ نورُ بلده؛ أي: به يهتدون إلى أمورهم، وعن رأيه يصدرون إلى مصالحهم.
وقوله تعالى: {مَثَلُ نُورِهِ}: أي: صفةُ دلائله التي يَهدي بها عباده، فسمَّى دلائله نورًا؛ لأن الناس يسلكون بها طريق النجاة.
وقد سمَّى اللَّه تعالى كتابه نورًا بقوله: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} النساء: ١٧٤؛ لأنه يهدي إلى الحق.