وقال مقاتل بن سليمان: نزلت في مُعاذةَ ومُسيكةَ وأُميمةَ وعَمْرةَ وقُتَيلةَ وأروى؛ كنَّ إماءَ عبد اللَّه بن أبيٍّ ابنِ سَلُولَ المنافقِ لعنه اللَّه، لمَّا نزل تحريم الزنا أتينَ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فشكَينَ إليه فنزلت (١).
وفي رواية: قالت معاذة لمسيكة: إن كان هذا الأمر منا خيرًا فقد استكثرنا منه، وإن كان شرًا فقد آن لنا أن نتوب، فنزلت (٢).
وقوله: {فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ}: قال الحسن: لهنَّ واللَّه، لهنَّ واللَّه (٣).
وقال عكرمة وغيره: كان هذا الإكراهُ بالضرب والتعذيب (٤)، ودلَّ أن الإكراه يتحقَّق في الزنا، والانتشار لا يدلُّ على الطواعية.
* * *
(٣٤) - {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ}.
وقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ}: قرأ حمزةُ والكسائيُّ وابن عامر وعاصم في رواية حفصٍ بالكسر؛ أي: مرشداتٍ هاديات، وقرأ الباقون: بالفتح (٥)؛ أي: قد بينَّاها.
يقول: قد أوحينا إليكم في هذه السورة وغيرها قرآنا في إعلام شرائعنا، فقد قال في أول السورة: {وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٧/ ٩٩).
(٢) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢٠٤٢) عن عكرمة.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٧/ ٩٩).
(٤) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٨/ ٢٥٨٩) من طريق عكرمة عن ابن عباس.
(٥) انظر: "السبعة" (ص: ٢٢٩)، و"التيسير" (ص: ١٦٢).