وإن حُملت (١) الآية الأولى على مَثَل القرآن فذكرُ المساجد أيضًا لذكر أهل القرآن القائمين به في المساجد، وإن حُملت على نور المعرفة فهي عَلَمُ أهل (٢) الإيمان القائمين بالشرائع في بيوت اللَّه عز وجل وغير ذلك.
وإن حمل قوله: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} على معنى أنه مزيِّن السماوات والأرض، فزينة السماوات بالملائكة وزينةُ الأرض بأهل المساجد.
وأما ألفاظ المفسرين في هذه الآية:
فقد قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: اللَّه هادي أهلِ السماوات وأهلِ الأرض (٣).
وقال الضحاك: اللَّه منوِّر السماوات والأرض (٤).
وقال أبي بن كعب رضي اللَّه عنه: مرسِلُ رسلِ أهل السماوات والأرض (٥).
وقال مجاهد وعبد العزيز بن يحيى: {اللَّهُ} مزيِّنُ السماوات بثلاثٍ: بالشمس والقمر والنجوم، ومزين الأرض بثلاثة أشياء: بالأنبياء والعلماء والمؤمنين (٦)، فأنوار السماء متفاوتةٌ وكذلك أنوار الأرض، وأنوار السماء نافعةٌ وبعضُها أنفع من بعضٍ، وكذلك أنوار الأرض، وأنوار السماء بعضُها للنفع وبعضها (٧) للدفع وهي رجوم الشياطين، وكذلك أنوار الأرض قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن المؤمنَ ليُنْضي شيطانَه
(١) في (ر) و (ف): "دلت".
(٢) في (أ): "على أهل" وفي (ر): "علم".
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٧/ ٢٩٥ - ٢٩٦).
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٧/ ١٠٠).
(٥) لم أجده، وانظر التعليق الآتي.
(٦) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٧/ ١٠٠) عن أبي بن كعب وأبي العالية والحسن.
(٧) "للنفع وبعضها" ليس في (أ).