وقيل: هو وعيدٌ بقرب وقته؛ كما قال: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} الأنبياء: ١.
* * *
(٤٠) - {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}.
وقوله تعالى: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ}: وهو مَثَلٌ آخر لأعمال الكفار، وللتخيير في ضرب المثَل بأيِّهما شئتَ؛ كقوله تعالى: {أَوْ كَصَيبٍ} البقرة: ١٩.
وقوله تعالى: {فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ}: أي: عميق واسعِ اللجَّة، وهو معظمُ الماء ووسطُه وموضع العمق منه، وتكون الظلمة فيه أكثر.
وقوله تعالى: {يَغْشَاهُ}: أي: يغطِّي هذا البحرَ {مَوْجٌ} وهو ماءٌ يضطرب من معظم الماء.
{مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ}: أي: موجٌ آخرُ أعلى منه وأهولُ.
{مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ}: أي: من فوق الموج غمامٌ.
وقوله تعالى: {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ}: أي: هذه الظلمات.
وفي التفسير: أن قوله: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ}؛ أي: ظلمةِ الليل، وظلمةِ عمقِ البحر، وظلمةِ الموجين، وظلمةِ السحاب، فلا يُرى فيها شيء، فكذا الكافر في تحيُّره وخَبْطه في كفره كالخابط (١) في هذه الظلمات، وهو مَثَل الكافر في الدنيا في عمَهه (٢) في طغيانه، وكذلك في الآخرة في حيرته وخسرانه.
(١) في (ر): "وخبطه وكفره كالخائض".
(٢) في (ر) و (ف): "غمه".